بعد رفض فكّ الارتباط بجبهة النصرة ... الظواهري على خطى حنّون
يُحكى - من قديم الزمان - أنّ أحمق من أهل العراق يُدعى حَنّوناً كان منافقاً مُرائياً يُحبُّ شرفَ الجاهَ والرياسة على ما فيه من حُمق، قيل: كان يهوديّاً ثم أسلم، وقيل: بل كان يهودياً ثم ارتدّ عن اليهودية إلى المسيحية، فتحوّل من حارة هؤلاء إلى هؤلاء، ولم يكن لليهود في
القرون الإسلامية الأولى شأن يُذكر في بلاد الرافدين، فلم
يجد "حنون" مطلبَه عند إخوانه، ولم يجده عند النصارى فقرّر أن يدخل في دين الإسلام فشهد "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"
المسلمون
في العصور الأولى كانوا سادات الأرض، أمة عظيمة مترامية الأطراف، لا تُحصى عدداً ولا وَلداً، ولا فضل فيها لعربي
على أعجمي، ولا أبيض على أسود، ولا غني على فقير إلا بالتقوى، فضاع حنّون في غيابات المسلمين، وأضحى بحماقته كالقزم في زحمة الطوال، ولم يأت حنّون إلى المسلمين بشيء يذكرونه به إلا الخضر والدجاج التي يبيعها في السوق.
فكّر حنّون وقدّر، ثم أدبر إلى السوق بحيلة تُذكَر، ليشغل الناسَ به، ويلفتَ الأنظارَ إليه ...
زعم
حنّون أنه يتعرّض لأذى النصارى من أجل إسلامه، فاستجار حنون بالمسلمين واستنصر بهم على الكافرين،
فصيح في الأسواق:
يا لِثاراتِ الإسلام
وكالعادة وقع أهلُ الحماسة في فخّ حنون، اقتتلوا
في الأسواق، وخرّبوا الخضروات، وريّشوا الدجاج ...
فما لبثَت أن خمدت المناوشات وعاد الناس إلا المتاجر والمحلات، وقطع الله دابرَ الفتنة بالعقلاء والمصلحين فانصرف المسلمون
عن حنّون...
هل تعلمون ما فعل حنّون بعد هدوء العاصفة ؟
ارتدّ حنون عن الإسلام إلى النصرانية فلم يأبَهْ لردّته - هذه المرّة - أحدٌ وقال المسلمون:
"رُفع القلمُ عن المعتوه، المغلوب على عقله"
لا ينشغل بأحمق إلا أحمق
مثله
وأمضى حنونُ بآخرةٍ سنواتِ اليأس والتقاعد مُهمَلاً منبوذاً من
اليهود والنصارى والمسلمين، كذلك المكر السيّء لا يحيقُ إلا بأهله، فقال الناظمُ يضرب به الأمثال :
ما زاد حنّون في الإسلام خردَلَةً
ولا النصارى لهم شُغلٌ بحَنّونِ
تلك حال الظواهري، عاش مفتوناً بحبّ الجاه
وشرف الرياسة، نشب بالثورة السورية ولم يكن له فضل في صناعتها، وإنْ نجح في تسلّل
إليها تحت عباءة النصرة لوجه الله، ثم كشف الله خبيئته بنزاع البغدادي...
أشعلا فتنة دموية لا يعرف السوريّون رأسَها من ذيلها، ثم نبذ
الظواهريُّ الدواعشَ فقال:
لستُ من هؤلاء
أنا من هؤلاء
ليركبَ موجة الوسطيّة والاعتدال بتوجيهاته
وإملاءاته فأبَواْ عليه ولم يلتفتوا إليه.
ثم أحكم العدناني بخطابه الأخير قلعتَه، وأغلق على
الظواهري بوّابته، فلم يُبقِ لحنّون الشام إلا فتحة صغيرة يُحظر عليه ولوجها حتى يشهد على نفسه
بالردّة ...
يدخل منها غاضّ الطرف، حاني الرأس، صاغراً بإعلان البيعة للبغدادي والتوبة من الكفر البواح ..
رُفعت الأقلام، وجفّت الصُحف
غُلّقت الأبواب، وضاقت الأرض بما رحُبَت
"لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، ومن يُضلل الله فلن تجدَ له سبيلاً"
وللقصة بقيّة