لماذا يرفض الظواهري فك الارتباط بالنصرة ؟
قبل أشهر أجرى أبو محمد
الجولاني أمير جبهة النصرة حواراً صحفياً عُرض على قناة أورينت نيوز ، فكان من
أبرز الأسئلة المطروحة عليه:
"ما هو ردّكم على المطلب الكبير من
جمهور كبير من الناس من السوريين .. مطلب يُسمع به كثيراً في الشارع السوري منذ
شهور يُطالب النصرة بفكّ ارتباطها بالقاعدة .. ألا ترى أن بقاء النصرة مع القاعدة
هو جَرٌّ للشعب السوري لمعاداة كل العالم ؟"
الجولاني من جهته لم ينكر كِبَرَ
المطلب وكِبَر الجمهور المطالب بفك ارتباط النصرة بالقاعدة! لكنه زعم أنّ للنصرة
مبادئ وأفكاراً لن تتخلى عنها أبداً، سواء ارتبطت بالقاعدة أم لا، وعليه فإن تهمة الإرهاب وتصنيف
الفصائل من قِبَل أمريكا والمجتمع الدولي لن يتغيّر لأنه مبني على الأفكار التي
تحملها تلك الفصائل، فلا طائل من فكّ الارتباط.
ثم ضرب لنا الجولاني مَثَلاً
بصدّام حسين وكوريا الشمالية وكوبا فزعم أنهم قد حُوربوا لخروجهم عن الهيمنة
الدولية ولم يكن لهم ارتباط بالقاعدة .
وقبل التعليق أدعوكم للاستماع
إلى قاله الجولاني في الدقيقة 50:45
بعد الاستماع إلى الجولاني
ستلاحظون معي أن كلامه مطابق تماماً لكلام الظواهري الذي ختمه بكلمات الملا عمر:
"إن مسألة أسامة [يعني ابن
لادن] لم تعد مسألة شخص ولكنها أصبحت مسألة عزة الإسلام"
"لو سلّمتُ
أسامة فإنكم غداً ستُسَلّمون"
القضيّة لم تعد قضيّة "الكُلّاب" أو
"النشّاب" أو "الخازوق المبشّم" وحده وأعني الظواهري، ولكنها أصبحت
مسألة عزة الإسلام !
فعلى الشعب السوري
أن يراجع علوم الحساب السياسي والديني لفك لغز الظواهري فالمعادلة عنده كما يلي :
ارتباط بالظواهري =
عزة الإسلام
فكّ الارتباط بالظواهري = ذلّ الإسلام
تلك قسمة المُحتال وحِسبَة الثعلب الكُلّاب الساعي لجرّ الخراب والدمار وحمم القنابل والبراميل إلى الشعب السوري كما
فعل بالأفغان.
أجهادٌ لله أم جهاد للجاه؟
إنّ ما يحتج به الظواهري وشريكه
في اللعبة القذرة هو كذب بواح لأن التاريخ والواقع والمعقول بناء على قوانين
اللعبة الدولية ومن قبلها قوانين الشريعة الإسلامية تشهد على كذب تلك الحسبة.
لقد فكّ أيقونة الإسلام، سيّد الأولين والآخرين؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ارتباطَه بالمسلمين
المقيمين بمكة المكرمة بمقتضى صلح الحديبية فردّ أبا بصير ومن جاءه مهاجراً من
المسلمين، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يطلب من أحد أن يتخلى عن إسلامه وأفكاره، وما ضرّ ذلك الإسلام بشيء،
ثم حَمَل أبو بصير وأبو جندل ومن معهما من المسلمين المنفكّين لواءَ الجهاد الإسلامي بمعزل عن النبي صلى الله عليه وسلم فأغاروا على كفّار قريش فلم يورّطوا
أهلَ المدينة المنورة بجريرة هجماتهم وما سفكوه من الدماء، لأنهم قد فكّوا الارتباط.
الجولاني ضرب لنا
مثلاً هو حجة عليه لا له ..
ونقول للجولاني ما ظنّك بردّ الفعل الأمريكي والدولي المتوقّع لو قامت كوريا الشمالية أو كوبا بمثل ما قامت به القاعدة؟
تصوّروا كيف سيكون الردّ لو أعلن كم جونغ أون أو فيدل كاسترو أو صدّام حسين المسؤولية عن هجمات 11 سبتمر وتباهوا بها كما تباهى ابن لادن..
ونقول للجولاني ما ظنّك بردّ الفعل الأمريكي والدولي المتوقّع لو قامت كوريا الشمالية أو كوبا بمثل ما قامت به القاعدة؟
تصوّروا كيف سيكون الردّ لو أعلن كم جونغ أون أو فيدل كاسترو أو صدّام حسين المسؤولية عن هجمات 11 سبتمر وتباهوا بها كما تباهى ابن لادن..
كلٌّ يؤخذ بأفعاله، وعلى قدر
أفعاله، وعلى قواعد اللعبة الدولية، حتى وإن كان فيها كذب وافتراء فاللعبة على حدود الكذبة على فافهم يا غبي !
القضية وما فيها أن
القاعدة تورّطت بهجمات لا تُنسى ولا تُغتفر، وهيّجت أًمَماً لا تُحصى عدداً، لا
تكاد تجد دولة عظمى ولا صغرى إلا ولها دمٌ وحساب وثأر لا ينسى بالتقادم، وقد عجز
زعماء القاعدة عن تحمّل مسؤولية أفعالهم فكانوا أوّل الفارّين من الزحف وتركوا
الشعب الأفغاني يتلقّى الحِمَمَ والقنابل نيابة عنهم.
أيها الزعيم الأحمق إن كنتَ
صادقاً فيما تزعم من أنّ النصرة منشغلة في سوريا بحرب بشار الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني فإنّ فكّ
الارتباط بالقاعدة مع المحافظة على المبادئ والأفكار وإنْ كان لا يعني بالضرورة رفع
النصرة من قائمة الإرهاب لكنه يعني - بناءً على قوانين اللعبة الدولية - براءة النصرة
من جرائم القاعدة وجرائرها ، فأقل ما يمكن كسبه هنا صكٌّ بتهمة الإرهاب لكن بصفحة جديدة.
يعني أن الشعب السوري الذي
يُستدرج باسم الفرّار النشّاب لمواجهة ثمانين عدوّاً أي ثمانين عقبة عسكرية
وسياسية وقانونية سيتفرّغ لمواجهة ثلاثة أو أربعة مما يُعجّل النصرَ كما انتصر الشعب الأفغاني لما
تفرّغ للسوفييت والحكومة الشيوعية في كابل، وكما تفرّغ النبي صلى الله عليه وسلم
ليهود خيبر لما اصطلح مع قريش وفكّ ارتباطه بجماعة أبي بصير ..