الإنصاف من نفسك
الجنرال ريموند أوديرنو |
"إن هزيمة داعش قد
تستغرق من عشر إلى عشرين سنة"
مطّها مطاً من 4 إلى 240 شهراً ؟
قد يختلف معي بعض النقّاد في
الطريقة التي أعالج بها مشكلة داعش مع الاتفاق على اعتبارها فرقةً من أهل الأهواء
والبدع، وقد يقول قائل: إنّ ما ذكرتُه من الفوارق بين الظواهري والبغدادي فيه من
الثناء والمدح على الدواعش ما يغري بالافتتان بهم ! وبالرغم من ذلك فأنا أعتقد أن التضليل الإعلامي
كان ولم يزل جزءاً من المشكلة، وأن الإنصاف الذي أمرنا به القرآن الكريم هو مفتاح
الحلّ.
لا لومَ على الساسة ، السياسيّون - إلا من رحم الله - مجبولون على الكذب، فاللوم على الشيوخ والمفكّرين الذين زادوا الطين بِلَّةً بترديد أكاذيب الساسة لينفّروا الناس من داعش، فظهر الحقّ وحاق بهم ما كانوا يمكرون.
الإنصاف يُجلّي الحقيقة كما هي ، فإذا أنصفتَ
خصمَك أمكنك بعد ذلك بيان موضع الاعتراض والسبب الحقيقي للخصومة، والله عز وجل قد أمر بالإنصاف فقال - سبحانه - :
"إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان"
قال ابن جرير الطبري وغيره من المفسرين : "العدل هو الإنصاف".
وصح عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال :
"ثلاثٌ من جَمَعَهُنَّ فقد جَمَعَ الإيمانَ ؛ الإنصافُ من نفسك، وبذل السلام
للعالم، والإنفاق من الإقتار".
ومعناه أنّ المؤمن الكامل هو الذي يُنصف من نفسه قبل أن ينصفه الآخر أو الحَكَم بينهما.
الإنصاف هو القِسمة بالقسط ، كلمةٌ مشتقة من النصف، أي النصف المقسوم بالقسط، والنصف شطر
مجازي لا يقتضي تساوي الشطرين، فالمُنصف هو الذي يقسم بعدلٍ ما له وما عليه ...
له واحد وعليه تسع وتسعون
أو له عشرة وعليه تسعون
أو له عشرون وعليه ثمانون
أو له خمسون وعليه خمسون [ فيفتي فيفتي ]
أو لا شيء له وعليه كذا وكذا
النفس البشرية ميّالة إلى حبّ الذات وبغض العدوّ، ولذلك كان من كمال الإيمان أنْ
ينصف المسلم خصمه من نفسه، فإنْ شهد المنصف بالحسَنَة لخصمه عرف الناس أنّ للخصومة سبباً آخر.
يا معشر الشيوخ والمفكرين بالإنصاف - فقط - يمكننا حلّ معضلة داعش ..
يتبع