أنت يا مجاهد ما أنتَ إلا وقود للمحرقة



   محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شخصاً بارزاً معروفاً عند الناس بوجهٍ واحد ولون واحد، رجل من أشراف الخلق معروف عند الناس بالأمانة والصدق ومكارم الأخلاق قبل البعثة وبعد البعثة، ولذلك قالت أم المؤمنين خديجة لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من غار حراء ترجف بوادُره :

"كلا ! أبشرْ، فواللهِ لا يخزيك الله أبداً، واللهِ إنك لتصل الرَّحِمَ، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيفَ، وتُعينُ على نوائب الحق"
[رواه البخاري ومسلم]

    ويكفي لتعلم كيف كان ذلك "الرجل" معروفاً بخصاله الحميدة مشهوداً له عند البعيد والقريب والعدوّ والصديق أن تقرأ ذلك الحوار العظيم الذي دار حول شخص النبي صلى الله عليه وسلم في قصر العظيم "هرقل" ملك ملوك الروم مع أبي سفيان بن حرب عظيم الكافرين بدين الإسلام لما ذهب إلى الشام بعد صلح الحديبية فأرسل إليه هرقل فجاء أبو سفيان مع وفد من مشركي قريش أئمة الكفر، فدعاهم هرقلُ ودعا بترجمانه فقال لهم: 

أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟

فقال أبو سفيان: أنا أقربهم نَسَباً
فقال: أدنوه مني، وقرّبوا أصحابَه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائلٌ هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه ، قال أبو سفيان وهو يروي الحديث بعد إسلامه: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ كذباً لكذبتُ عنه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال:
كيف نسبه فيكم؟
قلت: هو فينا ذو نسب
قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
قلت: لا
إلى أن قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما؟
قلت: لا
قال: فهل يغدر ؟
قلت: لا
ثم ذكر بقية الحديث وفيه قول هرقل :
"وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله".
[رواه البخاري ومسلم]

     هل تعلم أنه منذ أن بعث الله رسولَه محمداً فأنزل عليه "يا أيها المدثّر قُم فأنذر" لم يغب النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه يوماً واحداً حتى استكمل أجلَه فدفنوه وغيّبوه بأيديهم.

      كان معهم في الحلوة والمرّة، والسراء والضراء، والغلبة والهزيمة لا يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قد غاب عن أمته غيبة كبرى ولا صغرى، إذا نزل عليه الوحي نزل هو بين أظهرهم ينظرون إليه ويحفظون عنه، عقوده ومواثيقه مشهودة، وكُتبُه ورسائله إلى الملوك والزعماء معلومة محفوظة بكلماتها حرفاً حرفاً.

   أين ذلك العظيم من أمراء المنظمات السريّة الجهادية في زماننا هذا؟ يرمون أتباعهم في أخاديد المحارق وهم في ظلال القصور السريّة المؤمّنة يتمتعون بزوجاتهم وأبنائهم؟

    ابن لادن اعترف بلسانه أنه قد كتم عن الملا عمر وحكومة الطالبان سرّ هجمة واشنطن ونيويورك فجلب على الأمة الأفغانية شرّاً لا قِبَل لهم به فكان أوّل الفارّين ...

   هل يعلم أحدٌ من القاعدة أين اختبأ زعيمهم ابن لادن بعد ذلك؟ 

   هل يعلم أحدٌ منهم ما هي العقود والمواثيق السريّة التي عقدها زعيمهم دون مشورتهم؟

     في الآخر عُثر على الزعيم الغامض في بيت غامض في حي غامض بين أظهر جنرالات كان يلعنهم في العلن ويبيت في أكنافهم في السرّ، وكذلك الملا عمر عاش هو الآخر في ظروف غامضة ورحل في ظروف غامضة.

   أما الظواهري فحكايته حكاية ... سرّه عميق ولسانه طويل وجلده كالحرباء المحجبة كل ساعة بلون ... وما فوق البنفسجي فحكاية أخرى، وما تحت الحمراء فمصيبة كبرى.


         وأنتَ أيها المجاهد المسكين ما أنتَ إلا وقود للمحرقة  

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرقص حول النبي صلى الله عليه وسلم !

هل كان سفينة مولى رسول الله صادقاً أم كاذباً أم شيخاً مخرّفاً ؟

سيّدنا بلال يرفض التحديث ويهدّد بالخروج المسلح على أمير المؤمنين