ضرب الزوجة " 2 "
بقي الحديث عن الآية الثانية وهي التي تثير
الجدل بين الناس :
"
واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا
تبغوا عليهن سبيلاً "
مبدأ الحكاية وبيان سبب نزول هذه الآية الكريمة :
ثبت في الصحيحين عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه أنه قال : " كنّا معشر قريش قوماً نغلبُ النساء ، فلما
قدمنا إلى المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم [ وفي رواية : تغلب نساؤهم رجالهم ،
وفي أخرى : تملك فيه النساء الرجال ] فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم " .
من هنا بدأت المشكلة ... عند المهاجرين رضوان الله عليهم
قوم قدموا من القرى والبوادي التي يغلب عليها الطابع القبلي
القاسي فجاوروا مجتمعاً يغلب عليه الطابع
المدني الوديع ، فتعلم المهاجرات من الأنصاريّات تلك الطباع ، ففقدن التوازن وساءت أخلاقهنّ .
فحمل الرجال عصيّهم على عواتقهم وشرعوا في ضرب التأديب ..
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لا تضربوا إماء الله " .
والحديث ثابت في السنن .
وبعد ورود النهي الصريح عن ضرب النساء وقعت حالة من ردّة الفعل العنيفة وهذه حال من ابتلي
بالكبت والقمع لزمن مديد فشرعن في التمرّد والنشوز فساءت أخلاقهن .
فشكى المهاجرون نساءهم
للنبي فأنزل الله تعالى آية الضرب ، ورخصّ النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه
بالضرب بعد أن نهى عنه .
فتلقى الغاضبون من الرجال شريعة الضرب
وانقلبوا إلى بيوتهم فكانت ليلة شفاء الغليل .
ولكم أن تتخيّوا المشهد الدراماتيكي بما رواه أبو داود
والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا
تضربوا إماء الله " قال الراوي : فذئر النساء وساءت أخلاقهنّ ، فقال عمر : يا
رسول الله ذئر النساء وساءت أخلاقهنّ منذ نهيت عن ضربهن ، قال النبي : "
فاضربوهنّ " ، قال : فضرب الناس نساءهم تلك الليلة ، فأطاف بآل محمد نساء
كثير ، كلهنّ يشكون أزواجهنّ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد أطاف
بآل محمد سبعون امرأة كلهنّ يشتكين أزواجهنّ ولا تجدون أولئك خياركم " .
ورواه ابن حبان في
الصحيح من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : إن الرجال استأذنوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم في ضرب النساء فأذن لهم فضربوهنّ ، فبات فسمع صوتاً
عالياً !
فقال : ما هذا ؟
قالوا : أذنتَ
للرجال في ضرب النساء فضربوهنّ ، فنهاهم ، وقال :
" خيركم خيركم لأهله ، وأنا
خيركم لأهلي " .
وروي من وجه آخر بلفظ :
" خيركم خيركم لأهله ، ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهنّ إلا لئيم "
.
يتبع