تفريخ الجماعات الإرهابية
قبل الكلام عن انتقال
الإخوان المسلمين إلى مرحلة تفريخ الجماعات الإرهابية بعد فشل حيلة التنظيم الخاص
[أو ما يُعرف بفضيحة التنظيم السري]، يجب الحديث عن الأفكار الأيديولوجية ذات المفعول
القوي في كافة الفصائل المنشقة عن الإخوان باعتبارها العنصر الأساسي في الانشطار الإرهابي المُدمّر.
وهذا من المقامات التي يختلف فيها المفكرون والمؤرخون فكلٌّ يقذف بكُرة الاتهام إلى ملعب الآخر ...
ومن وجهة نظري فأنا لا أقصد في هذا المقام بعضَ المركّبات العقائدية الساخنة
التي تزيد بطبعها من حدّة التطرف والعنف كالعقائد التكفيرية الوافدة من المدرسة السلفية السعودية لأنّ الحركة الوهابية بقيادة
الزعيم الراحل عبد العزيز آل سعود رحمه الله هدأت هنالك، واستوت على وضع براغماتي واقعي معقول مقبول نسبياً على جميع المستويات الدولية والإقليمية، كما
أنّ المشكلة بالنسبة للشيعة في الجانب الآخر لم تكن في العقائد الغيبية المتطرفة التي تؤمن بعودة
الإمام المهدي الغائب المنتظر لينبش قبور الأولين فيقيم عليهم حدّ القصاص والجلد
بأثر رجعي ! لكن المشكلة
في مشروع تصدير الثورة والنظرية الخمينية التي حرّكت شيئاً كان راكداً
ساكناً منذ اثني عشر قرناً.
وكذلك الأمر بالنسبة للإخوان المسلمين !
ليس الإشكال في معيار درجة التكفير لدى الإمام حسن البنا فنحن نقرّ بأن
البنا - رحمه الله - لم يكن تكفيرياً بالمقاييس التي نراها اليوم أو مقارنة بعقائد التكفيري المنشق شكري مصطفى، ففي هذا الصدد لا نقول في البنا إلا كما قالت نسوة يوسف: "حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ".
وليس الإشكال في تقدير درجة العقائد السلفية الدخيلة على الإخوان من
الوهابية أو اختلاف درجات الغلو الديني لدى الفصائل المنشقة كفيصل "سيّد
قطب" أو جماعة "شكري مصطفى" وجماعة الجهاد والجماعة
الإسلامية وأكناف بيت المقدس وأجناد مصر وولاية سيناء ونحوها من الأفراخ.
تلك مجرّد تحليات وزخارف - أو بعبارة أقرب للتشبيه - عناصر مكمّلة للرفع من حِدّة الانفجار، فإضافة السلفية إلى الجهادية كإضافة المسامير والبِلْي الفولاذية إلى القنبلة.
يا عزيزي ...
الإشكال يكمن في المكوّن الخطير لطبخة البنّاء المؤسس ... السرّ في التركيبة الأيديولوجية المدمّرة التي أعدّها
حسن البنا قبل الإحماء والانتقال إلى مرحلة التنفيس لتفريخ الجماعات الإرهابية ...