المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٦

معالجة منظومة القضاء بوقفات من سورة يوسف

صورة
   وقفات تتجلى بها آيات القرآن الكريم في معالجة منظومة القضاء من خلال قصة يوسف عليه السلام . الوقفة الأولى: "قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا   إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"      يستفاد منها أن التحاسد والتدابر والتنازع وما ينتج عنها من جرائم ومكائد شيطانية هي من الطبائع البشرية، لا يسلم منها مجتمع وإن كان مجتمعاً صغيراً يتكوّن من إخوة يتزعّمهم أبٌ نبيٌّ مرسل، ولذلك وجبت الحاجة إلى القضاء العادل ، وكلما كبر المجتمع كبرت معه الضرورة لإصلاح وتطوير منظومة القضاء، والقرآن الكريم عالج منظومة القضاء بأسلوب بديع فبدأ من المجتمع الصغير في البادية ثم انتقل إلى المجتمع الكبير في مصر ! الوقفة الثانية: "وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ" هو أشهر ما يُضربُ به المَثَل في تلفيق الأدلة لرمي التهمة على بريء شرير يخشى الناس منه، ومنه تعلم أنّ نزاهة القاضي غير كافية لتحقيق العدل ما تُصلح منظومة التثبّت من الأدلة كمنظومة الطبّ الشرعي في القضاء الحديث.   الو...

ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين

صورة
           هذا أول ما يشاهده الوافد أو السائح أو العائد المغترب عند النزول إلى مصر والولوج إلى صالات المطارات والموانئ والمنافذ البرية الحدودية: "ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" [سورة يوسف / آية 99]            المسلم بالطبع يتبرك ويتفاءل خيراً بتلاوة هذه الآية، وكذلك اليهودي أو المسيحي يتفاءل خيراً لأن الآية تذكّره بقول الربّ في الكتاب المقدس: "لا تَخَفْ من النزولِ إلى مِصْرَ" [سفر التكوين/46-3]       القصة واحدة و مصريّون ذو حظّ عظيم ! لأنّ الله تبارك وتعالى جَمَعَ أصحابَ الديانات السماوية على التصديق بقصة يوسف - عليه السلام - وإنِ اختلفت العقول في تقدير جوهر الحكمة من تلك القصة التي وقع الغالب من أحداثها في مصر، فخلّد الله ذكر " مصر " في الكتب المقدسة إلى يوم الدين.     ومن يتدبّر قصص القرآن والتوراة والإنجيل يُلاحظ أنّ الفارق بين قصة يوسف بالمقارنة مع سائر القصص هو كالفارق بين الفيلم الهندي والفيلم الأمريكي، ألا ترون كيف يحتار النقّا...

عمر بن الخطاب سنّ قوانين وضعية لمكافحة الإرهاب

   ما زلنا في بَحْرٍ من فوائد قصة "صَبيغ" المتواترة المقطوع بصحّتها، ومما جاء في حديث ابن شهاب الزهري رضي الله عنه قال:    "لما خرجت الحرورية [يعني الخوارج لما خرجوا بالسيف على الأمة زمن علي بن أبي طالب عليه السلام] قيل لصَبيغ قد خرج قومٌ يقولون: كذا وكذا، قال: هيهات قد نفعني الله بموعظة الرجل الصالح، وكان عمر رضي الله عنه ضربه حتى سالت منه الدماء على رجله أو قال على عقبيه".     والرواية تفيد بأن الآراء الشاذة الخطيرة التي كان يبثّها صبيغ لم تكن مجرد إشكالات على "النازعات نزعاً والناشطات نشطاً" بل كانت لديه شبهات دموية خطيرة توافق رأي الحرورية الخوارج في التكفير واستباحة الدماء لكن الرواة كرهوا نقل التفاصيل الكاملة وبذلك جزم ابن عبد البر القرطبي، وتلك الآراء الإرهابية الخطيرة هي  سرّ غضبة عمر رضي الله عنه، ولذلك روي عنه أنه لما أتي بصبيغ حدث الناس بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الخوارج حليقي الرؤوس، ثم كشف رأس صبيغ، فرأى ذؤابتيه وشعره فقال:        "لو وجدتك محلوقاً لضربت الذي فيه عيناك" ...

أوّل عقوبة لمكافحة الإرهاب في التاريخ الإسلامي

صورة
      من المعلوم أنّ حركة "الخوارج" كانت أول منظمة إرهابية تكفيرية مارقة في تاريخ الإسلام، كان أعضاؤها من غلاة القرّاء وكانوا من فئة الشباب ولديهم خبرة عسكرية لأنهم انشقوا عن جند الكوفة وخرجوا بالسيف على الأمة وعاثوا في الأرض فساداً فأبادهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن بكرة أبيهم في معركة النهروان سنة 38 هـ.            لكن الجهود الصارمة في مكافحة الإرهاب - في الحقيقة - لم تبدأ بتلك الوقعة الدموية فقد خرج قبل الحرورية قارئٌ داعية ذو نزعة خارجيّة يُدعى "صَبيغ بن عِسْل" سعى إلى بذر البذور الأولى لفتنة الإرهاب أيام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.          المثير في حركة صَبيغ هو الحرص على بثّ فتنة التكشيك العقائدي والغلو الديني في "الأجناد" المرابطين على أطراف الدولة الإسلامية بعيداً عن المدينة المنورة؛ مدينة العلم حيث يوجد أكابر الصحابة الذين عاصروا التنزيل وأخذوا التأويل والتفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!    وهنا بالطبع مكمن الخطورة لأنّ التطرّف الد...