هجمات بروكسل ونمو ظاهرة الإسلاموفوبيا
قال بعض الفقهاء : الأنبياء هم أشجع الناس، لا يفزعون ولا يخافون –
أبداً - إلا من الله، لأنّ الله جل وعلا قصة إبراهيم عليه السلام: "الذين آمنوا
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمْنُ وهم مهتدون".
وهو - عندي - استدلال خاطئ لأنّ الله جل وعلا قد أثبت خوف الأنبياء وفزعهم في
مواضع أخرى من القرآن الكريم كقوله تبارك وتعالى عن ضيف إبراهيم عليه السلام
"فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس
منهم خيفة، قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط"، وعن موسى عليه السلام "فأوجس
في نفسه خيفةً موسى"، وفي موضع آخر "فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب، يا موسى لا تخف، إني لا
يخاف لدي المرسلون".
فالصواب أن يُقال: إن الأنبياء هم أحسن الناس
تصرّفاً عند الفزع لأنهم أعقل الناس...
فالحكمة لا تظهر في الفزع بل في ردّة الفعل
عند الفزع
قال ابن عاشور - رحمه الله - في تفسيره :
"الخوف انفعال جِبِلّي وضعه الله في أحوال النفوس عند رؤية
المكروه، فلا تخلو من بوادره نفوس البشر فيعرض لها ذلك الانفعال بادئ ذي بدء ثم
يطرأ عليه
ثبات الشجاعة فتدفعه على النفس، ونفوس الناس متفاوتة في دوامه وانقشاعه" اهـ
علينا أن نقرّ بأنّ هنالك تصرّفات مخيفة بطبيعتها، لا يُلام ولا يُعاب من خاف من صاحبها حتى إنْ لم يقصد الضرر والأذى، كمن يتسلّق الجدران
والأسوار ويتسلّل من النوافذ ثم يقول لجاره: جئتُ لأخطب ابنتك أو لأدعوك إلى
الإسلام !
أهذا تصرّف سليم؟؟ ألم يقل الله تبارك وتعالى:
"وأتوا البيوتَ من أبوابها"
قال بعض
المفسرين إن الخصوم الذين تسوّروا المحراب في قصة داود عليه السلام كانوا من
الملائكة بصورة البشر ولذلك دهموا بلا استئذان، وقال غيرهم بل كانوا بشراً، ولا نفع في
ذلك الاختلاف، المهم عندنا أن نبيّ الله داود عليه السلام كان في محرابه آمناً
مطمئناً أقرب ما يكون إلى الله تبارك وتعالى ففزع من تصرّف المتحاكمين إلى شرع
الله...
فزع لأنه بشر يفزع كما يفزع الناس
ولو استأذنوا وولجوا من الباب لما كانت الفوبيا، قال الله تبارك وتعالى:
"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب، إذ
دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق
ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط"
للحديث بقية ...