المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٦

دعوا الأفغان فهم أدرى بطباعهم

صورة
           قبل إغلاق ملفّ "لويا جيرغا" أفغانستان، أذكّركم مرة أخرى بما أوردته في المقدّمة عن اختلاف النُظم الاجتماعية في الأُمم البشرية، وما لذلك التنوّع من انعكاسات على النُظم السياسية المناسبة لإدارة شؤون الناس، وقبل إغلاق ملفّ جيرغا الأوس والخزرج أذكّركم كذلك بوصيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبائل الأنصار رضوان الله عليهم.          منذ هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من التأريخ الإسلامي إلى السنة الثامنة عام الفتح، كانت قبائل الأوس والخزرج هي السواد الأعظم والنواة الصلبة للدولة المحمدية، ولذلك كان إدارجُ النظام القبلي في إدارة نظام الدولة والحفاظ على أمنها واستقرارها من الحكمة السياسية، حتى أنزل الله تبارك وتعالى قوله : " إذا جاء نصر الله والفتح  ورأيتَ الناسَ يدخلون في دين الله أفواجاً"     صدق الله العظيم، دخل الناس في دين الله أفواجاً حتى سُمّي العام التاسع بـ"عام الوفود" لكثرة الوفود التي قدمت إلى المدينة المنورة لإعلان الانضمام إلى النبي ...

باللويا جيرغا عُقدت البيعة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آيةُ الإيمان حُبُّ الأنصار، وآيةُ النفاق بغضُ الأنصار"     [رواه البخاري ومسلم]     الأنصار من قبائل الأوس والخزرج هم الركن المتين الذي بنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام وهم السقف المنيع الذي حافظ على كيان الأمة المسلمة عند موت النبي صلى الله عليه وسلم.      قصة سقيفة بني ساعدة وما جرى فيها من أحداث شهيرة انتهت بعقد البيعة الأولى للخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه هي قصة متواترة في الكتب الصحاح وتواريخ الإسلام، لن آتي بجديد في تكرارها سوى التنبيه على بعض الملاحظات التي تُشكل على غير المتعمّقين في دراسة التاريخ الإسلامي ومقارنتها بالواقع .         إن الاجتماع الشهير لقبائل الأنصار في سقيفة بني ساعدة هو مطابق - تماماً - لما يعرف عند الأفغان بـ"اللويا جيرغا"، هو المجلس الأعلى، الكبير الجامع لزعماء القبائل! فما حكاية السقيفة وما هي؟         في العهد النبوي كان المسجد النبوي الجامع هو ساح...

النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ نظام الجيرغا في السلم والحرب

     روى البخاري في صحيحه قصة سبي هوازن في السنة الثامنة من الهجرة بعد فتح مكة، وجاء فيها أنّ المقاتلين من هوازن جاؤوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَهزومين مَوتورين تائبين يطلبون استرداد ما سُبي منهم، فعقد النبيُّ اجتماعاً طارئاً عامّاً كاملاً [من حيثُ النصاب العددي، لأن الاجتماع كان في لقاء عَلَني مفتوح] فقال النبي صلى الله عليه وسلم للناس:      "أما بعد، فإنّ إخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين وإني قد رأيتُ أن أردّ إليهم سَبْيَهُم، فمن أحبَّ منكم أن يطيب بذلك فليفعل، ومن أحبّ منكم أن يكون على حظّه حتى نعطيَه إيّاه مِنْ أوّلِ ما يفيء الله علينا فليفعل" فقال الناس: "قد طيّبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لهم"... [ معناه أنّ الناس قد وافقوا على ردّ السبي، وأجابوا القائد العام في المجلس العام بالرضى والقبول عن طيب نفس وطيب خاطر كما نطقت ألسنتُهم بواحاً]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّا لا ندري من أذِنَ منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عُرَفاؤكم أمرَكم" فرجع الناس فكلّمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله...

الشورى الكاملة والشورى الناقصة والشورى الباطلة

صورة
         الكلام هنا ليس عن ال كمال أو النقص في النصاب العددي القانوني لمجلس الشورى، وإن كان النقص العددي موجباً للطعن على الكمال أو الصحة كما سأبيّنه لاحقاً عند الحديث عن سقيفة بني ساعدة، كلامي هنا عن الكمال والنقص في التعبير عن الرأي عند المشورة ! فهذا وجه آخر من وجوه الطعن على الكمال أو الصحة.     في القرن الإسلامي الأول في عهد النبوة والخلفاء الراشدين بلغت حرية التعبير عن الرأي مبلغاً عظيماً حتى أنّ الخوارج الغلاة الذين جهروا بتكفير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه واعتزلوا الصلاة خلفه وتنحّوا إلى زاوية من زوايا المسجد الجامع لم يطردهم أمير المؤمنين من الجامع، ولم يمنعهم من التعبير عن رأيهم الديني والسياسي على ما فيه من غلوٍّ وتطرّف وتطاول بل قال لهم كما في الأثر المشهور:   " لكم علينا ثلاث، أن لا نمنعكم مساجدنا ما لم تخرجوا علينا.. إلخ"      أي ما لم تخرجوا على الأمة بالسلاح، فكان الأمر على ذلك حتى وَلِيَ الكوفةَ الحجاجُ بنُ يوسف الثقفي بالنار والحديد فافتتح عهداً جديداً...